blog
  • الأحد 12 فبراير 2024
  • تابعنا الان

واقع الاستثمار الأجنبي في دولة الإمارات

مقدمة


يعد الاستثمار الأجنبي من العوامل التي تعكس مدى جاذبية مناخ الأعمال في دولة ما للمستثمرين الأجانب، وحتى المحليين، وتتميز الإمارات العربية المتحدة وفقاً لتقارير البنك الدولية والأمم المتحدة، بكونها من الدول العربية الأكثر ملاءمة وجذباً للأعمال، وفي المقال أدناه نستعرض واقع الاستثمارات الأجنبية في الإمارات، وأهم المقومات التي مكنتها من الوصول إلى هذه المرتبة المتقدمة، انطلاقاً من معطيات الاستثمار الصادرة عن الهيئة الرسمية للدولة. حيث تشهد الإمارات العربية المتحدة اليوم نمواً كبيراً ومتواصلاً في حجم وقيمة الاستثمارات الأجنبية بها، بما في ذلك توليفة متنوعة من التحفيزات الجبائية والقانونية، وكذلك توفير كافة الموارد والتسهيلات لتدعيم الاستثمارات القائمة وذلك بفضل تولد واستقطاب استثمارات جديدة. إذ تظهر الدراسات أن الاستثمار الأجنبي في الإمارات يتوزع في أغلبه بين الاستثمار المباشر والاستثمار المتعلق بالودائع والقروض، وأن أكثر القطاعات استفادة من ذلك هو الأنشطة المالية والأنشطة العقارية والتجارية، في حين يرتبط استثمار الحافظة بالدرجة الأولى بالأنشطة المالية وأنشطة التأمين، كما الحال بالنسبة للاستثمارات الأجنبية الأخرى.

لمحة حول الاستثمار الأجنبي


تعريف الاستثمار الأجنبي


لا يوجد تعريف موحد للاستثمار الأجنبي لكونه يختلف من وجهة نظر كل باحث، كما يختلف من علم لآخر، وقبل التطرق إلى مفهوم الاستثمار الأجنبى وجب تحديد مفهوم الاستثمار:

مفهوم الاستثمار مالياً

يعرف الاستثمار من وجهة نظر رجال الإدارة على أنه التعامل بالأموال للحصول على الأرباح، وذلك بالتخلي عنها في خطة زمنية معينة، ولفترة زمنية محددة بقصد الحصول على تدفقات مالية مستقبلية تعوض عن القيمة الحالية للأموال المستثمرة والعوض عن عامل المخاطرة الموافق للمستقبل .

مفهوم الاستثمار محاسبياً


يمثل الاستثمار "مجموع الممتلكات والقيم المادية والمعنوية للمؤسسة/ المشتراة" من قبل المؤسسة، الهدف ليس بيعها أو تحويلها، ولكن استعمالها كوسائل دائمة الاستغلال بحسب العمر الإنتاجي لها.

مفهوم الاستثمار الأجنبي حسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية


كل شخص طبيعي كل مؤسسة عمومية أو خاصة، كل حكومة كل مجموعة من الأشخاص الطبيعيين الذين لديهم علاقة تربطهم فيما بينهم، كل مجموعة من المؤسسات التي تمتلك الشخصية المعنوية والمرتبطة فيما بينها، هي عبارة عن مستثمر أجنبي مباشر إذا كان لديه مؤسسة استثمار مباشر، ويعني كذلك فرع أو شركة فرعية تابعة تقوم بعمليات استثمارية في بلد غير البلد الذي يقيم به المستعمر الأجنبي .
كما يعرف على أنه كل استثمار يتم خارج موطنه بحثاً عن دولة مضيفة، وسعياً وراء تحقيق حزمة من الأهداف الاقتصادية والمالية والسياسية، سواء لهدف مؤقت أو لأجل محدد لأجيال طويلة الأجل .
كما يعرف أنه تلك الاستثمارات التي يملكها ويديرها المستثمر الأجنبي، إما بسبب ملكيته الكاملة لها أو ملكيته لنصيب منها يكفل له حق الإدارة .

مزايا الاستثمار الأجنبي


وتتمثل المزايا المكاسب والمزايا التي يمكن أن تستفيد منها الدولة المستقبلة لهذه الاستثمارات الأجنبية في:

الاستثمار الأجنبي ونقل التكنولوجيا


التكنولوجيا بمفهومها الواسع لا تقتصر فقط على سلسلة العمليات الإنتاجية الفنية. بل تمتد لتشمل المهارات والقدرات التنظيمية والإدارية والتسويقية، وعملية نقل التكنولوجيا قد تتم من خلال وسائل مختلفة مثل بيع التكنولوجيا واتفاقيات منح التراخيص وعقود المساعدة الفنية. وهناك بعض الدراسات تشير إلى أن الشركات متعددة الجنسيات تعتبر من الوسائل الهامة في نقل التكنولوجيا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وتعتمد سرعة نقل التكنولوجيا على نمط الاستثمار، والقدرة الاستيعابية للعمال الوطنية، بالإضافة إلى العلاقة بين التكنولوجيا المستوردة والربحية ومدى ملائمة المنتجات في شكلها النهائي للسوق.

الاستثمار الأجنبي وتحسين كفاءة استخدام موارد الدولة المضيفة


لقد أدى التفوق التكنولوجي للشركات الأجنبية المستثمرة في الدول المضيفة إلى زيادة الكفاءة لدى الشركات المحلية عن طريق منح التراخيص والمساعدات الفنية. ويوجد إجماع على أهمية الاستثمار الأجنبي الذي يعتبر المنفذ الوحيد في عبور التكنولوجيا إلى الدول النامية. كما يؤدي هذا الاستثمار إلى رفع القدرات الإنتاجية والتنافسية للشركات المحلية خاصة في قطاع التصنيع.

الآثار المحتملة على العمالة


تشير العديد من الدراسات إلى الدور الهام الذي تلعبه الاستثمارات الأجنبية في النهوض بمستويات التوظيف من خلال فرص العمل المباشرة التي يتيحها انسياب رؤوس الأموال الأجنبية إلى داخل الدولة المضيفة، بالإضافة إلى فرص العمل التي تتحقق نتيجة دعم الروابط الخلفية والأمامية مع الصناعات المحلية ورفع مستويات الإنتاجية في المجتمع وتغيير نمط توزيع الدخول لصالح الفئات ذات الميل المرتفع للادخار والاستثمار. وتجدر الإشارة إلى أن النتائج والآثار على العمالة تعتمد على ممارسات الشركات الأجنبية المستثمرة، وكذا البيئة التنظيمية التي تعمل فيها وأيضاً مستوى ومهارة قوى العمل في الدولة المضيفة.

الاستثمار الأجنبي في دولة الإمارات العربية المتحدة


برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي للاستثمارات الأجنبية، حيث تجتذب رؤوس الأموال من جميع أنحاء العالم. فبفضل موقعها الاستراتيجي وسياساتها الصديقة للأعمال والبنية التحتية الاقتصادية القوية، توفر دولة الإمارات العربية المتحدة مشهدًا مربحًا للمستثمرين الباحثين عن فرص النمو. ومع ذلك، خلف الواجهة الجذابة تكمن حقيقة معقدة تتطلب فحصًا دقيقًا. لقد تميزت الإمارات العربية المتحدة بمناخها وتضاريسها الصعبة عبر التاريخ، إلا أنها اعتمدت استراتيجية واضحة المعالم قائمة على التغيير الجذري والابتكار، واستغلال كل ما تملكه من إمكانيات طبيعية ثرية كالنفط، في إقامة اقتصاد قوي مستقل عن عائدات هذا القطاع، إلى قطاعات أخرى أساسية وداعمة في إطار التنويع الاقتصادي الذي كان في حد ذاته هدفاً ووسيلة للتقدم في نفس الوقت. وقد أدركت الإمارات العربية المتحدة بأن ذلك لن يتأتى إلا بالاستعانة بالشريك الأجنبي الذي يسمح لها بالحصول على التكنولوجيا الحديثة، وطرق الإدارة الفعالة، فتوجهت إلى استثمار أموالها وعائداتها النفطية في استقدام الكفاءات والمهارات العالية، لتدريب وتكوين والمساهمة في تنمية القدرات المحلية، كل ذلك سمح بتطور الإمارات اقتصادياً وتجارياً، وتوسعها في العديد من المناطق والقطاعات، ما حتّم الحصول على رؤوس أموال جديدة تكون فيها المنفعة متبادلة بين صاحب المال والبلد، وبالتالي انطلقت في استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، وذلك انطلاقاً من نظام تشريعي مرن وقوي، وبنية تحتية محفزة، حتى تمكنت من الوصول إلى أعلى معدلات النمو العالمية، وإلى الريادة العربية في حجم الاستثمارات الأجنبية المستقطبة.

تعقيدات الاستثمارات الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة


السياق التاريخي


لفهم الوضع الحالي للاستثمارات الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، من الضروري الخوض في تطورها التاريخي. تعتمد دولة الإمارات العربية المتحدة تاريخياً على عائدات النفط، وقد شرعت في رحلة التنويع بهدف تقليل اعتمادها على المواد الهيدروكربونية وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة. وقد مهد هذا التحول الاستراتيجي الطريق لتطوير قطاعات مثل السياحة والعقارات والتمويل والتكنولوجيا، وجذب المستثمرين الأجانب الحريصين على الاستفادة من مسار النمو في البلاد.

الإطار السياسي


ومن الأمور الأساسية لجاذبية دولة الإمارات العربية المتحدة للمستثمرين الأجانب هو إطارها السياسي المناسب. إذ نفذت الحكومة مبادرات مختلفة لتسهيل الاستثمارات الأجنبية، بما في ذلك إنشاء مناطق حرة، وتقديم حوافز ضريبية، وإجراءات تنظيمية مبسطة، وملكية أجنبية بنسبة 100٪ في بعض القطاعات. بالإضافة إلى ذلك، وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من معاهدات الاستثمار الثنائية (BITs) واتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي (DTAs)، مما يوفر المزيد من الضمانات للمستثمرين فيما يتعلق بالحماية القانونية والتحسين الضريبي.

القطاعات الرئيسية


تمتد الاستثمارات الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة عبر مجموعة متنوعة من القطاعات، يقدم كل منها فرصًا وتحديات فريدة. كان القطاع العقاري، الذي تجسده المشاريع الشهيرة مثل برج خليفة ونخلة جميرا، تاريخياً نقطة جذب لرأس المال الأجنبي، مدفوعاً بجاذبية العائدات العالية والتقدير السريع. وبالمثل، شهد قطاع السياحة والضيافة استثمارات أجنبية كبيرة، تغذيها مكانة الإمارات العربية المتحدة كوجهة سياحية عالمية. علاوة على ذلك، برز قطاع الخدمات المالية، وخاصة في دبي وأبو ظبي، كمركز مالي إقليمي، يجذب الاستثمارات من الشركات والمؤسسات المالية الرائدة متعددة الجنسيات.

فرص النمو للاستثمارات الأجنبية في الإمارات


في خضم التحديات، تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة فرصاً وفيرة للمستثمرين الأجانب الحريصين على الاستفادة من اقتصادها الديناميكي. وتؤكد جهود التنويع المستمرة، إلى جانب المشاريع الضخمة الطموحة مثل إكسبو دبي 2020 ورؤية 2030، التزام الدولة بالنمو المستدام والابتكار. علاوة على ذلك، فإن الموقع الاستراتيجي لدولة الإمارات العربية المتحدة كبوابة بين الشرق والغرب يضعها في مكانة إيجابية بالنسبة لتدفقات التجارة والاستثمار، خاصة مع الأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا.

إحصائيات حول واقع الاستثمار الأجنبي في الإمارات


وفقا لتقرير الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي للعام 2023 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، بلغت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد في عام 2022 إلى دولة الإمارات 22.737 مليار دولار أمريكي (83.5 مليار درهم إماراتي) بزيادة عن العام 2021 بمقدار 2.07 مليار دولار (7.6 مليار درهم) وبنسبة نمو 10% لتحتل المرتبة 16 عالمياً في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد في 2022.
كما حلت دولة الإمارات في المرتبة الأولى على مستوى منطقة غرب آسيا، مستحوذة على ما نسبته 47.1% من إجمالي التدفقات الواردة إلى المنطقة والبالغة 48.3 مليار دولار. بالإضافة إلى المرتبة الأولى أيضاً على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مستحوذة على نحو 32.4%، من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى هذه المنطقة والبالغة 70.2 مليار دولار.
تقدم دولة الإمارات اليوم العديد من الحوافز للمستثمرين وتدعم ريادة الأعمال، وتضع الحوافز لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مثل السماح للمستثمرين من مختلف الجنسيات تأسيس وتملك الشركات بالكامل في دولة الإمارات، وفي كافة القطاعات الاقتصادية وذلك وفقاً للقوائم الصادرة عن السلطات المحلية مع استثناء عدد من القطاعات ذات الأثر الاستراتيجي حيث يمكن التملك الكامل بها بعد موافقة السلطات المعنية بتنظيم هذه القطاعات ذات الأثر الاستراتيجي.
إذ أطلقت وزارة الاقتصاد العديد من المبادرات التي تسهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والشركات العالمية منها مبادرة الجيل التالي للاستثمار الأجنبي المباشر NextGen FDI وهي مبادرة بالشراكة مع عدد من الجهات والمؤسسات من القطاعين الحكومي والخاص، تهدف إلى جذب الشركات الرقمية والتعريف بالجانب الاقتصادي والاستثماري في دولة الإمارات، وتمكين عمليات التأسيس لتسريع الترخيص، لشركات التكنولوجيا المتقدمة التي تسعى للانتقال إلى دولة الإمارات.

قطاعات اقتصادية واعدة في دولة الإمارات


تعمل دولة الإمارات على تحفيز القطاعات الاقتصادية الجديدة في الاقتصاد المعرفي والاقتصاد الرقمي. وفيما يلي القطاعات الاقتصادية الواعدة وفقا لوزارة الاقتصاد الإماراتية:
1- التكنولوجيا المالية.
2- التجارة الإلكترونية.
3- التكنولوجيا الزراعية.
4- الرعاية الصحية.
5- التعليم.
6- السياحة.
7- الفضاء.
8- الخدمات اللوجستية.
9- الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
10- التصنيع.
11- السياحة العلاجية.
12- الطاقة المتجددة.
13- الإعلام والترفيه.
14- الصناعات الإبداعية.
15- الألعاب.
16- المدن الذكية.


الشكل القانوني لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر


يتخذ الشكل القانوني لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر أحد الأشكال القانونية التالية:
1- الشركات المساهمة العامة.
2- الشركات المساهمة الخاصة.
3- الشركات ذات المسؤولية المحدودة.
4- شركات التوصية البسيطة.
5- شركات التضامن.


شروط وإجراءات الترخيص


تحدد سلطة الترخيص في الإمارة المعنية والسلطة المختصة، كل حسب اختصاصه شروط وإجراءات تأسيس وترخيص مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر المدرجة في القائمة الإيجابية، والوثائق المطلوبة وفقاً لأحكام قانون الاستثمار الأجنبي، والتشريعات الاتحادية النافذة، والقوانين المحلية المعمول بها في الإمارة المعنية بحيث تكون تلك الشروط والإجراءات متاحة للاطلاع عليها.

الخاتمة


وفي الختام، تمثل الاستثمارات الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة فرصة مقنعة للمستثمرين الذين يسعون إلى التعرض لسوق ديناميكية وسريعة التطور. ومع ذلك، فإن التعامل مع تعقيدات بيئة الأعمال المحلية يتطلب دراسة متأنية للفرص والمخاطر والأطر التنظيمية. ومن خلال فهم واقع الاستثمارات الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة والاستفادة من الرؤى الاستراتيجية، يمكن للمستثمرين وضع أنفسهم لتحقيق النجاح في هذا المشهد الديناميكي.